متابعة
أخرج قاض بابتدائية الدريوش، أخيرا، من مقر عمله بمركز القاضي المقيم بتمسمان، بالقوة، بحضور عناصر الدرك الملكي، بعد أن رفض تسلم قرار صادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بتوقيفه عن العمل وإحالته على المجلس.
وأفادت مصادر “الصباح” أن القاضي، الذي يشهد له زملاؤه بالنزاهة والاستقامة، لم يتقبل القرار الصادر في حقه، ورفض تسلمه من رئيس المحكمة، المسؤول المباشر، الشيء الذي تطلب حضور الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالناظور، باعتبار الدريوش تابعة لها، وحاول، بحضور الوكيل العام، ثني القاضي عن قراره، غير أنه لم يستجب، وأصر على مواصلة الحضور وممارسة مهامه، ما فرض إعمال القوة لإخراجه من المحكمة.
وأثارت طريقة إخراج القاضي غضبا في صفوف زملائه، الذين لم يتقبلوا القرار، على اعتبار أن القاضي “ربما يعاني حالة نفسية تستوجب الوقوف عندها”، في حين اعتبر آخرون أنه كان يفترض في القاضي الانضباط إلى القرار الصادر عن المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وممارسة حقه القانوني في الطعن، في حال رفض القرار واحترام القانون، خاصة أنه لم يتخذ إلا بعد استنفاد كل الإجراءات القانونية معه. ولم يفصح عن السبب الذي اعتمده المجلس في اتخاذ قرار التوقيف وإعمال المادة 97 من النظام الأساسي للقضاة.
وأشارت مصادر “الصباح” إلى أنه يمكن للرئيس المنتدب، بعد استشارة الوكيل العام وأعضاء اللجنة الخاصة، المنصوص عليها في المادة 79 من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، اتخاذ قرار توقيف القاضي عن العمل في حال اعتبر الفعل المرتكب من قبله خطأ جسيما بناء على مقتضيات المادة 97 من النظام الأساسي للقضاة التي تفيد أنه “يمكن توقيف القاضي حالا عن مزاولة مهامه إذا توبع جنائيا أو ارتكب خطأ جسيما”.
ويعد خطأ جسيما الخرق الخطير لقاعدة مسطرية تشكل ضمانة أساسية لحقوق وحريات الأطراف، والخرق الخطير لقانون الموضوع، والإهمال أو التأخير غير المبرر والمتكرر في بدء أو إنجاز مسطرة الحكم، أو في القضايا، أثناء ممارسته لمهامه القضائية، وخرق السر المهني، وإفشاء سر المداولات، والامتناع العمدي عن التجريح التلقائي في الحالات المنصوص عليها في القانون، والامتناع عن العمل المدبر بصفة جماعية، ووقف أو عرقلة عقد الجلسات أو السير العادي للمحاكم، واتخاذ موقف سياسي، وممارسة نشاط سياسي أو نقابي، أو الانتماء إلى حزب سياسي أو نقابة مهنية.
وأضافت المصادر ذاتها أن هناك تزايدا مقلقا في الملفات التأديبية التي لها علاقة ببعض القضاة الذين يعانون أزمات نفسية، الشيء الذي يتطلب من المسؤولين الوقوف على الأمر بشكل جدي، لأن أغلب الحالات مرتبطة بظروف العمل.
وعلاقة بملف التأديبات، أفادت مصادر عليمة أن عددا من القضاة الذين كانوا محط متابعات تأديبية في الدورة الحالية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، توصلها بقراراتهم بشكل منفرد، وهناك من أنهى العقوبة التأديبية وعاد إلى ممارسة عمله، في حال إذا لم تكن تلك العقوبة مرتبطة بالتنقيل، كما هو حال الهيأة القضائية باستئنافية تازة التي صدر في حق ثلاث مستشارين بها قرار تأديبي بالتوقيف عن العمل لمدة ثلاث أشهر والتنقيل، بسبب خطأ في حكم قضائي صادر عنها.
.