متابعة
من المعروف أن الملك محمد السادس يقضي عطلة الصيف في شواطئ شمال المملكة، لا سيما في محور تطوان-الفنيدق-المضيق، لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الملك كان انزعج في وقت من الأوقات من الأنشطة الإجرامية للشبكات المتخصصة في تهريب المخدرات عبر مضيق جبل طارق، وهو الشيء الذي دفعه إلى التدخل لدى نظيره الإسباني من أجل تشديد المراقبة على “المهربين الجويين”. ذلك الانزعاج نقله القصر الإسباني إلى حكومته التي تحركت بسرعة عن طريق العملية الأمنية “باوو”، والتي انتهت بتشديد الخناق على التهريب الجوي للمخدرات في بداية 2013، قبل تدمير البنيات التحتية لشبكات تهريب الحشيش، جوا وبحرا، مع نهاية سنة 2018. هذا ما كشفته معطيات جديدة أوردتها صحيفة ” إلكوفيدينثيال” الإسبانية.
في هذا الصدد، كانت العلاقات المغربية الإسبانية في عهد حكومتي الإسلامي عبدالإله بنكيران واليميني، ماريانو راخوي، تمر بأفضل فتراتها في صيف 2012، باستثناء قضية واحدة كانت تقلق، الملك محمد السادس، بشكل خاص. “في ذلك الصيف اتصل بقصر الثرثويلا (الإسباني) ليشتكي من تصادفه مع العديد من رحلات تهريب المخدرات خلال خرجاته السياحية على متن يخته. وطلب من الملك خوان كارلوس القيام بكل ما في وسعه لكي لا تعود رحلات تهريب المخدرات لإزعاجه”، تشرح “الكونفيدينثيال”. وتابع المصدر ذاته أن انزعاج الملك له ما يبرره، إذ إن “المؤكد هو أن المنظمات الإجرامية في منطقتي جبل طارق ولاكوستا ديل سول كثفت، في تلك الفترة، من استعمال الطائرات الصغيرة والمروحيات لإدخال كميات كبيرة من المخدرات إلى إسبانيا، مقلدة بذلك النظام الذي كانت تستعمله الكارتيلات الكولومبية لإدخال بضاعتها (الكوكايين) إلى المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية”. بعض التقارير الإسبانية تشير إلى أن تلك الطائرات الصغيرة والمروحيات كانت تخرج من إسبانيا صوب المغرب، ما يجعلها تنتهك السيادة الجوية المغربية.
وكانت تلك الشبكات الإجرامية تعمد إلى تنظيم رحلات جوية سريعة على علو منخفض ليلا وبدون استعمال أضواء الطيران، تجنبا لرصدها من قبل رادارات الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية.
ويؤكد المصدر ذاته أن القصر الإسباني تعامل بجدية مع شكاية ملك المغرب، بحيث جرى نقلها إلى الحكومة الإسبانية اليمينية، هذه الأخيرة تحركت بسرعة في عملية أمنية خاصة أطلق عليها “باوو” لتجفيف منابع تلك الطريقة الجديد، حينئذ، في تهريب الحشيش بين المغرب وإسبانيا. فيرنانديث دياث، وزير الداخلية الإسباني حينها، اعترف بوجود تلك الشبكات قائلا: “عندما نتحدث عن الحشيش، هناك ما نطلق عليه رحالات تهريب المخدرات؛ إذ يتعلق الأمر بربابنة يحصلون على مبالغ كبيرة ومنظمات متعددة الجنسيات متخصصة في الاتجار غير المشروع في المخدرات، ينشطون، بشكل خاص، في مناطق إشبيلية وقاديس عبر طائرات صغيرة ومروحيات، في رحلات جوية ليلية، تخترق مضيق جبل طارق”.
فيرنانديث دياث كان حذر أثناء مثوله أمام البرلمان الإسباني من التهريب الجوي حينئذ قائلا: “بغض النظر عن اختراقها المجال الجوي وانتهاكها لسيادة المملكة المغربية، في هذه الحالة تعتبر هذه الرحلات الجوية المتخصصة في تهريب المخدرات واحدة من وسائل تهريب الحشيش انطلاقا من شمال إفريقيا إلى إسبانيا. إننا نتصرف بشكل فعال جدا في محاربة هذه الشبكات، ولدينا علاقة تعاون رائعة مع المغرب”.
.