الوضع صعب، والقادم أصعب، وإذا كان الأمل مازال حيا فإن زمن الأخطاء قد ولى… تلك خلاصة خطاب الملك بمناسبة عيد العرش لهذه السنة، حسب “المصطفى كرين” رئيس “المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية”.
وقال رئيس المرصد، إن خطاب أبرز فيه أن المغرب يمر من وضع استثنائي، وحيث أن لكل وضع استثنائي حلولًا وإجراءات استثنائية وربما كذلك شخصيات استثنائية لتدبيره، فإن السؤال الأهم الذي يطرحه الخطاب الملكي اليوم يتعلق أساسًا بالترتيبات والحلول السياسية الضرورية التي يستطيع بل يتوجب على المغرب من خلالها تقوية الجبهة الداخلية من أجل تجاوز هذه المرحلة العصيبة من تاريخه بسبب المخلفات الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي السياسية والأمنية المرتبطة بزمن كورونا.
لقد أصبح من الواضح أن الحكومة الحالية لم تعد تحظى بالدعم والمشروعية اللازمين للاستمرار في تدبير شؤون البلاد بعد الانزلاقات الخطيرة والقرارات الخاطئة والمتهورة التي اتخذتها والتي تؤشر على انعدامٍ للكفاءة وكادت أن تنتج لنا وضعًا خارج السيطرة، وبالتالي فإن السيناريوهات المطروحة لتدارك هذا الفراغ لن تخرج عن الاحتمالات التالية، وهي مرتبطة أساسًا بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة:
1- أولا: تأجيل الانتخابات، وهذا الاحتمال ينطوي على سيناريوهين:
– التمديد للبرلمان والحكومة وهو الاحتمال الأضعف والذي لن يحظى للأسف بأي دعم سياسي وجماهيري نظرًا للأزمة السياسية التي تسببت فيها هذه التشكيلة البرلمانية والحكومية والتي بدأت بصراع الحزب الحاكم مع باقي الأحزاب نتج عنه تضييع للكثير من الوقت وانتهى بإعفاء بنكيران وتعيين العثماني، دون أن يمكننا ذلك من الخروج من حالة التشتت الحكومي وعدم الانسجام وتضارب المنطلقات والأهداف، والذي يؤثر بشكل رهيب على القرار السياسي ويعرقل العديد من المشاريع والأوراش الاجتماعية.
– إنهاء مهام الحكومة الحالية مع الاحتفاظ البرلمان وفقا للمادة 59 من الدستور، مع اللجوء إلى حكومة وحدة وطنية: وهذا الاحتمال يعتبر في تقديري الحل الأمثل والأنجع للذهاب موحدين نحو التحديات التي تطرحها علينا المرحلة المقبلة والتي اعتبر جلالة الملك في خطاب العرش أنها ستكون قاسية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي السياسي والأمني، وهذا الاحتمال يطرح سؤال الشخصية التي سترأس وتقود الحكومة، شخصية يجب أن يكون بإمكانها تحقيق ثلاثة شروط ضرورية؛ الحياد السياسي والإجماع الشعبي والفعالية المؤسساتية أي نفاذ الكلمة، بمعنى أن تكون هذه الشخصية فوق الانتماءات السياسية والإيديولوجية والحزبية وأن تحظى بالإجماع الشعبي وأن تتوفر على الأدوات التي تمكنها من فعالية قصوى في إنجاز الأوراش المنتظرة، وفي هذا السياق واعتبارًا لهذه الإكراهات فإن الحل الأنجع يتمثل في نظري بحكومة برئاسة ولي العهد مولاي الحسن وتحت الإشراف الفعلي لرئيس الدولة جلالة الملك محمد السادس.
– أما حكومة تصريف أعمال: فهو احتمال سيفتقد حتما للسند والدعم السياسي والشعبي من أجل إنجاز الإصلاحات والأوراش الضرورية للخروج بالمغرب من نفق كورونا وسيؤدي للمزيد من التخبط والصراع وإضاعة الوقت.
2- إجراء الانتخابات في موعدها: وهذا الاحتمال، رغم أن التهييء له قد بدأ بالفعل ولكنه يفتقد للأفق السياسي ويعرّض المغرب للعديد من السيناريوهات التي هو في غنى عنها في هذه المرحلة، بالنظر أولا إلى التكاليف المادية التي ستترتب عنها في وقت يحتاج فيه المغرب إلى إجراءات ترشيدية للأنفاق العام وحتى تقشفية، والتكاليف الصحية ومخاطر انتشار أوسع للمرض في وقت لم نضمن فيه بعد إمكانيات الخروج الآمن من الوضع الوبائي الحالي، وبالتالي فإن هذا سيؤدي بنا نحو دفع تكلفة اجتماعية واقتصادية إضافية قد تفشل أو تعرقل كل الإجراءات التي يعتزم المغرب اتخاذها وقد يعرض الاستقرار السياسي والاقتصادي للمغرب للخطر.
وختم “كرين” بالقول:ومن خلال هذه السيناريوهات يبدو لي أن الإحتمال الأمثل هو تعيين حكومة وحدة وطنية برئاسة ولي العهد الأمير مولاي الحسن، ضمانا كما قلنا لمبدأ الحياد السياسي وللإجماع الوطني والشعبي وللفعالية الضرورية.
طبعاً، سيطرح البعض، سواء من باب الاستفهام أو من باب الخوف على مصالحه الانتخابية والمادية، سؤالا حول مدى قانونية هذا الطرح، وهو سؤال يبقى مشروعا على كل حال.
والحالة هذه فإن ولي العهد، وزيادةً على كونه يتمتع بالشرعية والإجماع الضروريين فقد راكم منذ سنوات، تجربة معتبرة في الإشراف على عدد من المشاريع، كما أنه يحمل حاليا رتبة لواء في القوات المسلحة الملكية، ولا يحتاج قانونيا لاستكمال سن الثامنة عشرة لتحمل هذه المهمة، لأن شرط بلوغ تلك السن إنما يرتبط بالجلوس على العرش وليس بمهام سياسية أو تدبيرية أخرى بما في ذلك رئاسة الحكومة في هذه الظروف الاستثنائية كما قلنا.
كما أن الدستور المغربي يوفر إمكانية السير في هذا الاتجاه من خلال الفصلين 59 و70 منه والتي تتعلق بحالة الاستثناء، وبالإضافة إلى ذلك فإنه يمكن، في حالة الضرورة، اللجوء إلى تعزيز وتوفير الشروط الدستورية الضرورية لصيانة البلاد من خلال هذا المسار، عبر بوابة الفصل 174 المتعلق بتعديل بعض المقتضيات الدستورية لمسايرة الواقع، بحكم الوضع المستجد والمرحلة الحساسة التي نمر منها.