متابعة
لم يحتاج عزيز أخنوش لـ5 سنوات، هي عمر الولاية الحكومة الكاملة، بل فقط لـ5 أشهر، كي يستوعب أن الوعود التي قدمها للمغاربة خلال انتخابات 2021، والتي منحت حزبه الرتبة الأولى في البرلمان وأوصلته إلى منصب رئيس الحكومة، لم تكن سوى “أحلام يقظة” يصعب على رجل أعمال بخلفية تكنوقراطية مثله التعامل معها، وهو الأمر الذي بدا واضحا مساء أمس الثلاثاء، حين لم يجد أمامه بدا من الاعتراف بصعوبة الظرفية الحالية رغم حديثه عن مجهودات حكومية لامتصاص أزمة الأسعار.
ولم يكن للوعود التي أطلقها أخنوش خلال الحملة الانتخابية، والتي أصر على أنها واقعة وقابلة للتحقيق حينها، أي موقع في ندوته أمس رفقة شريكيه في الحكومة، عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ونزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، بل اكتفى بالحديث عن أن الظرفية الحالية الناتجة عن ارتفاع الأسعار على المستوى الدولي صعبة، مرددا عبارة “الغالب الله”، معربا عن أمله في أن يجد أمامه طوق نجاة متمثل في تساقط الأمطار للحد من تأثيرات الجفاف.
وقال رئيس الحكومة الذي كان وزيرا للفلاحة طيلة 14 عاما، إن سعر القمح اللين وصل إلى 340 أو 350 درهما للقنطار، وكي يبقى سعر الخبز ثابتا يجب ألا يتعدى الثمن 260 إلى 270 درهما، لذلك فإن الفارق تؤديه الحكومة، ما يكلفها ما بين 500 مليون درهم شهريا، في حين أن السكر يكلف الدولة 3 مليارات درهم سنويا كي يبقى في ثمنه الثابت، بينما تدعم الحكومة الكهرباء بـ14 مليار درهم لتفادي ارتفاع فواتيره بـ40 في المائة.
وأبرز أخنوش أن الحكومة ستفتح اليوم الأربعاء حوارا مع مهنيي النقل حتى تمتص تبعات ارتفاع أسعار النفط على المستوى الدولي ونتفادى أي تأثير على المواطن، قائلا إن هذه الإجراءات تمثل ضغطا كبيرا على الميزانية، قبل أن يردد “الغالب الله نحن أمام ظروف عالمية صعبة”، في لحظة بدا فيها وكأنه يرفع الراية البيضاء أمام الأزمة الحالية التي أعادت الاحتجاجات ذات المطالب الاجتماعية إلى الشارع.
وأضحى وضع أخنوش حاليا، الذي ظهر أمام الكاميرات حائرا مرتبكا غير قادر عن صياغة خطاب مقنع، محاطا بالوجه العابسة لشركائه في الحكومة، مختلفا تماما عن حاله في غشت وشتنبر الماضيين خلال الحملة الانتخابية، حين أطلق حزبه شعار “تستاهلوا أحسن”، واعدا المغاربة بخلق مليون منصب شغل جديد ومنح كل من تجاوز سنه 65 سنة 1000 درهم شهريا، إلى جانب أداء 300 درهم للأسر عن كل طفل متمدرس، ورفع الحد الأدنى لأجرة أساتذة التعليم الابتدائي إلى 7500 درهم.
ويبدو أن أخنوش فهم أخيرا تحذيرات والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، في شهر يونيو من العام الماضي، حين نبه إلى أن الوعود الانتخابية منفصلة عن الواقع، وأن الأولى كان هو أن تتحدث الأحزاب عن أولويات واقعية لا أن تعد المواطنين بحل جميع مشاكلهم ثم تصطدم بإكراهات الواقع فتُعمق بذلك حالة فقدان الثقة بينهم وبين العملية الانتخابية، لكن حزب التجمع الوطني للأحرار حينها هاجم الجواهري ودعاه إلى عدم التدخل في السياسة.