متابعة
بعد إعلانه المدوي، ولكن المتوقع، عن قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والرباط، استدعى وزير الخارجية الجزائري السفير المغربي المعتمد لدى الجزائر، غير أن السفير رفض الاستجابة لهذا الطلب السخيف والمنافي للأعراف الدبلوماسية.
بعد وقت قصير من الإعلان عن قرار النظام الجزائري بقطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب، استدعى رمطان لعمامرة سفير المملكة في الجزائر محمد أيت الوالي، هذا الأخير لم يستجب لطلب الدبلوماسي الجزائري.
“عدم استجابة السفير المغربي أمر مفهوم، إذ كان يتعين على وزير الخارجية الجزائري أن يستدعي سفير المملكة قبل المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه قطع العلاقات الدبلوماسية بين الرباط والجزائر وليس بعد المؤتمر الصحفي. هذا الأمر لا يدخل في الأعراف الدبلوماسية!”، وفق ما أكده دبلوماسي سابق.
بعد عودة رمطان لعمامرة، 70 عاما، إلى منصب وزير الخارجية في 7 يوليوز 2021، وقع يوم 24 غشت على عمل منافي للأعراف والقواعد الدبلوماسية: قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة مجاورة. هذا الدبلوماسي الذي يقال عنه إنه مخضرم إلى منصبه في الخارجية الجزائرية لممارسة أعمال غير دبلوماسية. يا له من إنجاز!
بقبوله مرة أخرى الحقيبة التي كان يشغلها قبله صبري بوقدوم، عاد رمطان لعمامرة، في الحقيقة، من الباب الخلفي. من منصب وزير دولة، وحتى نائب رئيس الوزراء، عندما كان مسؤولا عن الدبلوماسية الجزائرية في عهد بوتفليقة، يقبل برتبة أدنى للعمل في عهد تبون: إنه ليس أكثر من مجرد وزير. كان لعمامرة على استعداد لتقديم أية تنازلات للعودة إلى هذا المنصب، بعد الصفعة التي وجهتها له واشنطن، التي عارضت تعيينه مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا.
وفقا لدفتر تحملات محدد سلفا من قبل الطغمة العسكرية الحاكمة الجزائرية، قام رمطان لعمامرة بالمهمة التي تم تكليفه من أجلها: تسميم العلاقات أكثر مع المغرب.
إن قطع العلاقات بين الجزائر والمغرب هو حشو وقرار غير مجدي. لم تكن العلاقات بين البلدين طبيعية بالمرة: فالحدود البرية مغلقة منذ 1994، المبادلات التجارية غير موجودة، ومنذ 2012، لم يقم وزير أو كاتب دولة بزيارة الجزائر أو الرباط، ناهيك عن الاتصالات المتقطعة، وتعليق الرحلات الجوية… وهكذا كانت العلاقة بين البلدين خالية من أي مضمون. السفارات كانت هناك فقط لإدارة الأزمة. إذن ما الذي تم قطعه بالضبط؟ علاقات لم تكن موجودة أساسا؟
القرار الذي أعلنه لعمامرة أمس لا يغير من طبيعة العلاقات بين الرباط والجزائر. في المقابل، تعمق الطغمة العسكرية الحاكمة من عزلة الجزائر، البلد الذي حدوده الوحيدة المستقرة والآمنة هي تلك التي يشترك فيها مع المغرب. حدود هذا البلد مغلقة بالفعل مع ليبيا وتشاد ومالي.
مع الإعلان عن قطع علاقاتها مع المغرب، تزيد الجزائر من عزلتها وتعطي مؤشرات مقلقة للغاية بشأن السلطة التي تتخذ قرارات خرقاء.
محمد بودرهم