عبد السلام الشامخ
بعد فشل “الورقة الأوروبية”، تجرب مدريد هذه المرة الوساطة الأمريكية لإخماد “النيران المشتعلة مع الرباط” بسبب قضية الصحراء المغربية، لكن واشنطن تبدي تريثا بشأن طبيعة هذه الوساطة التي تطلبها إسبانيا؛ فالأخيرة تحاول استغلال ورقة الهجرة السرية للضغط على المغرب.
وقد ناقشت وزارة الخارجية في حكومة مدريد هذه النقطة مع نظيرتها الأمريكية، دون أن يحصل توافق بين الطرفين؛ إذ تصر أمريكا على عدم التدخل في تحديد مسببات الأزمة بين المملكتين المغربية والإسبانية.
وناقشت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا لايا مع نظيرها الأمريكي أنطوني بلينكن قضية الصحراء المغربية، وتم الوقوف عند الآلية الأممية لحل هذا النزاع. وقالت أرانشا بهذا الخصوص: “نحن نتفق مع الولايات المتحدة على أن الحل يجب أن تعززه الأمم المتحدة، ونتفق أيضا على أنه يجب إعادة تنشيط الدور الأممي، دائما مع أقصى درجات الاحترام للمغرب”.
وتحاول مدريد أن تقحم واشنطن في أزمتها الدبلوماسية مع الرباط من خلال الترويج بأن من مسببات النزاع تدفق المهاجرين؛ أنه معروف خاصة أن لأمريكا حساسية كبيرة بخصوص الهجرة غير النظامية، في وقت تنتظر زيارة وزير الأمن الداخلي الأمريكي أليخاندرو مايوركاس الأسبوع الجاري.
وهذه أول مرة يزور فيها مسؤول في “إدارة بايدن” إسبانيا، حيث سيحل أول مهاجر لاتيني يقود الشؤون الداخلية الأمريكية بكل من البرتغال وإسبانيا، في الفترة ما بين الاثنين والأربعاء، بينما يقوم وزير الخارجية الأمريكي، أنطوني بلينكن، بجولة تقوده إلى فرنسا وألمانيا وإيطاليا.
ومن المتوقع أن يلتقي مايوركاس في مدريد مع نظيره الإسباني فرناندو جراندي مارلاسكا، ومسؤولين حكوميين آخرين، من أجل “إعادة تأكيد أهمية العلاقات الثنائية وتعميق العمل على الأولويات المشتركة”. وتأتي هذه الزيارة بعد اللقاء القصير بين جو بايدن وبيدرو سانشيز في أروقة مقر “الناتو” في بروكسل.
وأشارت مصادر إسبانية إلى أن “واشنطن أبلغت بأن وزير الأمن الداخلي سيعالج مع نظيره الإسباني التهديدات الأمنية المشتركة، بما في ذلك التطرف العنيف والجرائم الإلكترونية، فضلا عن قضايا الهجرة والتنقل”، مؤكدة أن “من أهم القضايا التي يجب تناولها في اللقاء العلاقة مع المغرب والقواعد العسكرية والرسوم الجمركية”.
وأوردت وسائل إعلام في مدريد أن إسبانيا قريبة جدا من الأحداث، إلى درجة أنه على الرغم من أن الحكومات المتعاقبة تحاول تجاهل قضية الصحراء المغربية، إلا أن وزيرة الخارجية أرانشا غونزاليس لايا تحاول الحفاظ على الموقف التقليدي لإسبانيا بشأن النزاع؛ لكن “دون إزعاج الجيران في الجنوب”.